ГЛАВА 3. ТЕКСТЫ ДЛЯ ЧТЕНИЯ
البَخِيلُ وَالْقِطَّةُ
اِشْتَرَي رَجُلٌ بَخِيلٌ كِيلُوغْرَامًا مِنْ اللَّحْمِ، وَأَحْضَرَهُ لِزَوْجَتِهِ لِتُجَهِّزَ طَعَامَ الْغَدَاءِ.
خَرَجَ الرَّجُلُ لِعَمَلِهِ، وَعَادَ بَعْدَ الظُّهْرِ لِلْغَدَاءِ، وَسَأَلَ زَوْجَتَهُ أَنْ تُحْضِرَ لَهُ الطَّعَامَ، فَأَحْضَرَتْ لَهُ خُبْزًا وَمَرَقًا. فَسَأَلَهَا:
- وَأَيْنَ اللَّحْمُ الَّذَى1 اشْتَرَيْتُهُ؟
قَالَتْ: أَكَلَتْهُ الْقِطَّةُ.
فَقَامَ غَاضِبًا، وَخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ، وَاشْتَرَى مِيزَانًا، وَوَضَعَ الْقِطَّةَ عَلَى الْمِيزَانِ، فَوَجَدَ وَزْنَهَا كِيلُوغْرَامًا. فَقَالَ لَهَا: هَذَا هُوَ اللَّحْمُ2، فَأَيْنَ الْقِطَّةُ ؟
* * * * *
______________________________
1Относительные местоимения اَلَّذِى «который; тот, кто», اَلَّتِى «которая; та, кто» и др. ставятся только после имен определенного состояния. Поэтому в данном случае было бы неправильно сказать وَأَيْنَ لَحْمٌ الَّذَى اشْتَرَيْتُهُ؟
هَذَا هُوَ اللَّحْمُ2 Это – мясо
Между подлежащим и сказуемым поставлено личное местоимение, которое называется ضَمِيرُ الْفَصْلِ («разделяющим местоимением»). Оно ставится в том случае, когда сказуемое является именем определенного состояния и может показаться, что за подлежащим следует имя прилагательное. Например, если мы скажем هَذَا الْجَالِسُ, возможны два смысла:
1) Это – сидящий.
2) Этот сидящий ...
Во втором случае получится, что мы не договорили предложение и слово الْجَالِسُ «сидящий» является прилагательным подлежащего هَذَا «этот». И для того, чтобы подчеркнуть, что слово الْجَالِسُ «сидящий» является сказуемым, мы ставим между ним и подлежащим «разделяющее местоимение» и говорим:
هَذَا هُوَ الْجَالِسُ Это – сидящий (или: Это есть сидящий)
مَوْتُ الدِّينَارِ
قَالَ أَشْعَبُ:
جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ وَمَعَهَا دِينَارٌ وَقَالَتْ: اِحْفَظْ هَذَا عِنْدَكَ، فَوَضَعْتُهُ تَحْتَ الْفِرَاشِ.
ثُمَّ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَتْ: هَاتِ الدِّينَارَ، فَقُلْتُ لَهَا: اِرْفَعِي فِرَاشِي وَخُذِي ابْنَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ وَلَدَ. فَرَفَعَتْ الْفِرَاشَ فَوَجَدَتْ دِرْهَمًا كُنْتُ قَدْ وَضَعْتُهُ1 بِجَانِبِ الدِّينَارِ فَأَخَذَتْهُ.
ثُمَّ عَادَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَوَجَدَتْ مَعَ الدِّينَارِ دِرْهَمًا آخَرَ فَأَخَذَتْهُ، وَفِي الْمرَّةِ الثَّالِثَةِ كَذَلِكَ.
قَالَ أَشْعَبُ: وَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ. فَلَمَّا رَأَيْتُهَا بَكَيْتُ، فَقَالَتْ: لِمَاذَا تَبْكِي؟ فَقُلْتُ لَهَا: لَقَدْ مَاتَ دِينَارُكِ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ، فَقَالَتْ: وَ كَيْفَ يَكُونُ لِلدِّينَار نِفَاسٌ؟ فَقُلْتُ لَهَا: تُصَدِّقِينَ أَنَّ الدِّينَارَ يَلِدُ، وَلاَ تُصَدِّقِينَ أَنَّهُ يَمُوت؟!
______________________________
كُنْتُ قَدْ وَضَعْتُهُ1 Я положил (до этого) ...
Так называемое «преждепрошедшее время». Используется для обозначения действия, которое предшествовало какому-то другому действию. Образуется из глагола كَانَпрошедшего времени, частицы قَدْ и соответствующего глагола прошедшего времени. Например:
تَسَلَّمْتُ أَمْسِ كُتُبًا كُنْتُ قَدْ حَجَزْتُهَا قَبْلَ شَهْرٍЯ вчера получил книги, которые заказывал месяц назад
وَجَدَ أَحْمَدُ فَأْسَهُ فِي الغَابَةِ. كَانَ قَدْ فَقَدَهُ قِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَمَّا كَانَ يَحْتَطِبُАхмад нашел свой топор в лесу. Он потерял его в прошлом году, когда собирал дрова
تَعَرَّفَتْ عَائِشَةُ عَلَى كَاتِبٍ كَانَتْ قَدْ سَمِعَتْ عَنْهُ فِي صِغَرِهَاАиша познакомилась с писателем, о котором слышала в детстве
* * * * *
الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ
كِتَابُ اللهِ الْخَالِدُ
كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَتَعَبَّدُ1 فِي غَار حِرَاءَ. ولَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، نَزَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ جِبْريلُ الأَمِينُ بِالْوَحْيِ.وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
﴿اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾.
وَتَتَابَعَ نُزُولُ الْوَحْيِ عَلَى الرَّسُولِ خِلاَلَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ؛ مِنْهَا ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي مَكَّةَ، وَعَشَرُ سَنَوَاتٍ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأمُرُ كُتَّابَ الْوَحْيِ بِكِتَابَةِ مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَامَ زَيْدٌ بْنُ ثَابِتٍ بِأَمْرٍ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَبي بَكْرٍ – رَضِي اللهُ عَنْهُ – بِجَمْعِ الْقُرْآنِ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، مُرَتَّبِ السُّوَر وَالآيَتِ.
وَالآيَاتُ وَالسُّوَرُ الَّتي نَزَلَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي مَكَّةَ تُسَمَّى "مَكِّيَّةً" وَالَّتي نَزَلَتْ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ تُسَمَّى "مَدَنِيَّةً".
وَقَسَّمَ الْعُلَمَاءُ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ إلَى ثَلاَثِينَ جُزْءاً، وَكُلُّ جُزْءٍ قَسَّمُوهُ إلَى حِزْبَيْنِ، وَكُلَّ حِزْبٍ إلَى أَرْبَعَةِ أَرْبَاعٍ.
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كِتَابُ اللهِ الْخَالِدُ، وَهُوَ الْمُعْجِزَةُ الْكُبْرَى، نَزَلَ بِهِ جِبْريلُ الأَِمينُ عَلَى النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
فِيهِ أَخْبَارُ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَقِصَصُ الأنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) إلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وَهُوَ دُسْتُورُ الْمُسْلِمِينَ يُنَظِّمُ حَيَاتَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، يَسَّرَ اللهُ حِفْظَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْر فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.
وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ تِلاَوَتَهُ، وَنَتَعَبَّدَ بِحِفْظِهِ وَمُذَاكَرَتِهِ، وَنَتَقَرَّبَ إلَى اللهِ بِالْعَمَلِ بِهِ، وَالإيمَانِ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مَحْفُوظٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، قَالَ تَعَالَى:
﴿إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ1﴾.
______________________________
كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَتَعَبَّدُ1 Мухаммад Посланник Аллаха (да благословит его Аллах и приветствует) поклонялся...
Запомните: Сочетание глагола كَانَ с другим глаголом настояще-будущего времени дает смысл продолжительности действия. Сравните:
ذَهَبَ أَبِي إِلَى تِلْكَ الْمَكْتَبَةِМой отец пошел в ту библиотеку
كَانَ أَبِي يَذْهَبُ إِلَى تِلْكَ الْمَكْتَبَةِ Мой отец ходил в ту библиотеку
2Буква ...لَ в слове لَحَافِظُونَ называется لاَمُ الاِبْتِدَاءِ «лям начинания» и ставится для усиления смысла. При этом она не влияет на то слово, к которому присоединяется. «Лям начинания» входит в следующие части речи:
1) В подлежащее (при условии, что подлежащее не стоит после сказуемого - как в пункте № 2 ниже). Например:
لَزَيْدٌ أَفْضَلُ صَدِيقٍ Зейд – лучший друг!
2) В сказуемое, если оно стоит перед подлежащим. Например:
لَجَمِيلَةٌ هِيَ Красивая она!
3) В сказуемое при предлоге إنَّ. Например:
إنَّ ابْنَكَ لَصَالِحٌ Поистине, твой сын – праведник!
4) В подлежащее при предлоге إنَّ, если оно стоит после сказуемого при إنَّ. Например:
إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً Поистине, в этом – поучительный урок!
5) В глагол настояще-будущего времени:
لَتَنْهَضُ أُمَّتُنَا بِإِذْنِ اللهِ Возродиться наша община с дозволения Аллаха!
6) В глаголы نِعْمَ и بِئْسَ (см. §22). Например:
لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ Как скверно то, что они делали!
لَنِعْمَ مَا سَمِعْتُ عَنْكَ Как прекрасно то, что я услышал о тебе!
7) В частицу قَدْ, предшествующую глаголу прошедшего времени и также выражающую усиление. Например:
لَقَدْ قُلْتُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ Я ведь говорил это не раз!
* * * * *
الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ
الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ هُوَ كلاَمُ اللهِ الَّذِي نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.
وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ) مِنْ قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ أوْ تَقْرِيرٍ.
كَانَ رُوَاةُ الْحَدِيثِ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْقُلُونَهَا عَنْهُ.
الصَّحَابَةُ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ بَلْ رَوَتْهُ أيْضًا زَوْجَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابِيَّاتُ.
رَضِيَ اللهُ عَنْكِ يَا عَائِشَةُ لَقَدْ كُنْتِ تَرْوِينَ الْحَدِيثَ فِي دِقَّةٍ وَأَمَانَةٍ.وَلاَ يَجُوزُ الْكَذِبُ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَنَّهُ قَالَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".وَأَئِمَةُ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورُونَ سِتَّةٌ هُمْ:
- اَلْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ
- وَمُسْلِمٌ
- وَأَبُو دَاوُدَ
- وَالنَّسَائيُّ
- وَالتِرْمِذِيُّ
- وَابْنُ مَاجَهَ
وَالْحَدِيثُ الْقُدْسيُّ: مَا رَوَاهُ الرَّسُولُ (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ) عَنْ اللهِ (عَزَّ وَجَل) وَلَفْظُهُ مِنْ عِنْدِ الرَّسُولِ (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَم).
وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ1 أنْ يَحْفَظَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَتَعَبَّدُ بِتِلاوَتِهَا وَتُفِيدُهُ فِي صَلاتِهِ وَحَيَاتِهِ، وَعَلَيْهِ أيْضًا أنْ يَتَعَلَّمَ بَعْضَ اَلأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الَّتي تُفِيدُهُ وَتَنْفَعُهُ فِي مَعْرِفَةِ أُمُور دِينِهِ.
وَفِي مَعَاهِدِ تَعْلِيمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لأَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مَرَاكِزِهَا يَجِبُ أنْ يَتَعَلَّمَ الطُّلاَّبُ وَالطَّالِبَاتُ إلَى جَانِبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ دُرُوسًا مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وِغَيْرِهِمَا مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُكَوِّنَانِ أَسَاسَ الشَّرِيعَةِ الإسْلامِيَّةِ، وَمِنْهُمَا نَأْخُذُ الدَّلِيلَ عَلَى كُلِّ الأحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. وَهُمَا أيْضًا أسَاسُ الْعَقِيدَةِ وَالإيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ فِي عَرَفَاتٍ وَقَالَ فِيهَا: "إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي!"
أَلا2 هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ".
______________________________
وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ1 И каждый мусульманин должен...
2Частица أَلا называется حَرْفُ التَّنْبِيهِ («частицей побуждения»). Она ставится для привлечения внимания собеседника, то есть говорящий как бы хочет сказать: «Будьте внимательны, я сообщу вам нечто очень важное!». Например:
أَلَا إِنَّ الاِمْتِحَانَاتِ قَرِيبَةٌ! (Послушайте!) Поистине, экзамены близко!
* * * * *
الطَّبِيبُ وَالدَّوَاءُ
شَعَرَ أَحْمَدُ بِأَلَمٍ شَدِيدٍ فِي رَأْسِهِ، وَمَغْصٍ فِي بَطْنِهِ، وَاِرْتِفَاعٍ فِي دَرَجَةِ حَرَارَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي تَنَاوَلِ الطَّعَامِ.
حَضَرَ صَدِيقُهُ نُورُ الدِّينِ، فَرَآهُ يَتَأَلَّمُ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ لَهُ: عِنْدِي صُدَاعٌ شَدِيدٌ، فَوَضَعَ نُورُ الدِّينِ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ أَحْمَدَ فَأَحَسَّ اِرْتِفَاعًا فِي الْحَرَارَةِ فَأَخَذَهُ فَوْرًا إِلَى مُسْتَشْفَى الْجَامِعَةِ.
فَحَصَ الطَّبِيبُ أَحْمَدَ فَحْصًا دَقِيقًا، وَاِخْتَبَرَ صَدْرَهُ وَبَطْنَهُ وَظَهْرَهُ بِالسَّمَّاعَةِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَتَنَفَّسَ بِعُمْقٍ، ثُمَّ قَاسَ ضَغْطَهُ وَحَرَارَتَهُ، وَكَتَبَ لَهُ الدَّوَاءَ وَالْعِلاَجَ وَالأَطْعِمَةَ الَّتِى يَأْكُلُهَا، وَالأَطْعِمَةَ الَّتِى يَمْتَنِعُ عَنْ تَنَاوُلِهَا.
قَالَ الطَّبِيبُ لأحْمَدَ:
اُرْقُدْ فِي السَّرِيرِ، وَ خُذِ الدَّوَاءَ بِانْتِظَامٍ، وَاشْرَبِ اللَّبَنَ الدَّافِئَ وَلاَ تَتَحَرَّكْ كَثِيرًا، وَلاَ تَعْمَلْ عَمَلاً شَقًّا لِمُدَّةِ أُسْبُوعٍ.
شَكَرَ أَحْمَدُ وَصَدِيقُهُ الطَّبِيبَ، وَأَخَذَ نُورُ الدِّينِ وَرَقَةَ الْعِلاَجِ وَذَهَبَ بِهَا إِلَى الصَّيْدَلِيَّةِ لِيُحْضِرَ الدَّوَاءَ. تَقَدَّمَ نُورُ الدِّينِ وَأَعْطَى الْوَرَقَةَ الصَّيْدَلِيَّ، وَطَلَبَ مِنْهُ الدَّوَاءَ، وَهُوَ أَقْرَاصٌ وَشَرَابٌ وَحُقَنٌ، ثُمَّ كَتَبَ الصَّيْدَلِيُّ عَلَى كُلِّ دَوَاءٍ طَرِيقَةَ تَنَاوُلِهِ.
بَعْدَ أُسْبُوعٍ رَجَعَ أَحْمَدُ إِلَى الْمُسْتَشْفَى فَرَآهُ الطَّبِيبُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَعَادَ فَحْصَهُ وَطَمْأَنَهُ وَ قَالَ لَهُ: "اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الشِّفَاءِ!".
خَرَجَ أَحْمَدُ مِنَ الْمُسْتَشْفَى وَهُوَ يَقُولُ: "اَلْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّمَا1 الشِّفَاءُ مِنَ اللهِ!"
______________________________
1Так называемая «частица ограничения» إِنَّمَا («исключительно, только») стоит в начале предложения, но при переводе ставится перед последней частью речи. Например:
إِنَّمَا الشِّفَاءُ مِنَ اللهِ Излечение - только от Аллаха
إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ Милостыни - только бедным
إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ Дела - только по намерениям
* * * * *
الْمَرْأَةُ فِي الإِسْلامِ
كَانَتِ الْمَرْأَةُ الْعَرَبِيَّةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَحْرُومَةً مِنْ حُقُوقِهَا وَلاَ قِيمَةَ لَهَا فِي الْمُجْتَمَعِ وَكَانَتْ تُعَدُّ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ.
كَانَتْ الْقَبَائِلُ تَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ نَظْرَةَ اِحْتِقَارٍ وَهَوَانٍ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ إِلَى وَأْدِ الْبَنَاتِ. فَكَانَتِْ الطِّفْلَةُ تُدْفَنُ وَهِيَ حَيَّةٌ بَعْدَ أَنْ تُولَدَ، وَكَانَتْ الْقَبَائِلُ تَحْرِمُ الْمَرْأَةَ مِنْ مِيرَاثِهَا وَيَأْخُذُهُ الذُّكُورُ فَقَطْ مِنْ الأَبْنَاءِ.
وَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ تَغَيَّرَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فَحَدَّدَ الإسْلاَمُ لِلْمَرْأَةِ مَكَانَهَا الْمَرْمُوقَ فِي الْمُجْتَمَعِ وَأَعْطَاهَا حُقُوقَهَا.
قَالَ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَا اكْتَسَبْنَ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ فَهَذَا حَقُّ الإِرْثِ وَذَلِكَ حَقُّ التَّمَلُّكِ، وَقَدْ كَرَّمَ الإِسْلاَمُ الْمَرْأَةَ.
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ:"اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي"، "مَا أَكْرَمَ النِّسَاءَ إِلاَّ كَرِيمٌ، وَلاَ أَهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ". وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا".
وَمِنْ مَظَاهِرِ تَكْرِيمِ الإِسْلاَمِ لِلْمَرْأَةِ إِشْرَاكُهَا فِي الْجُيُوشِ الْمُحَارِبَةِ وَاِحْتِرَامُ رَأْيِهَا حَتَّى عِنْدَ الْخُلَفَاءِ.
وَلَقَدْ جَعَلَ الإِسْلاَمُ الْجَنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ، وَوَثَّقَ عَلاَقَةَ الْمَرْأَةِ بِزَوْجِهَا فَجَعَلَهَا سَكَنًا لَهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، كَمَا قَبِلَ الإسْلاَمُ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَهَادَتُهَا لاَ تُقْبَلُ.
* * * * *
الْجَيْشُ الرَّهِيبُ
قِصَّةُ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ
أَنْعَمَ اللهُ بِفَضْلِهِ عَلَى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ بِأَنْعُمٍ كَثِيرَةٍ، فَقَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمَا بِالنُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمُلْكِ، وَ فَضْلاً عَنْ ذَلِكَ وَهَبَهُمَا الْعِلْمَ بِلُغَةِ الطَّيْرِ وَالْحَيَوَانِ، فَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَفْهَمُ لُغَتَهُمْ، وَأَمَّا سُلَيْمَانُ فَقَدْ كَانَ يَفْهَمُهَا وَيَتَكَلَّمُ بِهَا مَعَهُمْ، وَيُوَظِّفُهُمْ.
وَقَدْ كَانَا يَشْكُرَانِ اللهَ كَثِيرًا عَلَى النِّعَمِ الَّتِى أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمَا. كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمَ مَلِكًا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ، وَحَقَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي عَهْدِ دَاوُدَ قِمَّةَ مَجْدِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ؛ فَقَدْ جَمَعَهُمْ دَاوُدُ تَحْتَ لِوَاءِ الإِيمَانِ بَعْدَ أَنْ كَانُواْ مُشَرَّدِينَ.
وَمَرَّتِ السِّنُونَ وَكَبُرَ دَاوُدُ وَشَاخَ وَكَانَ اِبْنُهُ سُلَيْمَانُ يُلاَزِمُهُ فِي مَجْلِسِهِ وَ يَحْضُرُ مَعَهُ مَجَالِسَ الْحُكْمِ وَإِدَارَةَ شُئُونِ الْبِلاَدِ وَالْفَصْلِ فِي قَضَايَا الْبِلاَدِ.
وَفِي إِحْدَى الْمَجَالِسِ وَقَفَ خَصْمَانِ أَمَامَ دَاوُدَ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَحَدُهُمْ: "إِنَّ غَنَمَ هَذَا دَخَلَتْ حَقْلِي وَأَكَلَتْ مَا بِهِ مِنْ زَرْعٍ".
فَأَصْدَرَ دَاوُدُ حُكْمًا بِأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الْحَقْلِ الْغَنَمَ مُقَابِلَ الزَّرْعِ الَّذِي فَسَدَ.
كَانَ سُلَيْمَانُ حَاضِرًا، وَكَانَ فِي سِنِ الثَّانِيَّةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ:"إِنِّي أَرَى غَيْرَ هَذَا يَا أَبَتِ1". قَالَ دَاوُدُ:" مَاذَا تَرَى يَا سُلَيْمَانُ؟" قَالَ سُلَيْمَانُ:" يَأْخُذُ صَاحِبُ الْغَنَمِ الْحَقْلَ لِيُصْلِحَهُ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْحَقْلِ الْغَنَمَ لِيَنْتَفِعَ بِلَبَنِهَا وَنِتَاجِهَا حَتَّى إِذَا عَادَ الْحَقْلُ كَمَا كَانَ2 أَخَذَ صَاحِبُ الْحَقْلَ حَقْلَهُ وَصَاحِبُ الْغَنَمِ غَنَمَهُ".
فَرِحَ دَاوُدُ بِحِكْمَةِ اِبْنِهِ سُلَيْمَانَ، وَفَرِحَ الرَّجُلاَنِ الْمُتَخَاصِمَانِ، وَرَضِيَا بِهَذَا الْحُكْمِ الْعَادِلِ.
كَانَ سَيِّدُنَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمَ قَدْ قَسَمَ أَيَّامَهُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامِ: يَوْمٌ لِلْعِبَادَةِ، وَيَوْمٌ لِلْقَضَاءِ، وَيَوْمٌ لِلْوَعْظِ، وَيَوْمٌ لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ دَائِمَ التعَبُّدَ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.
وَمَاتَ دَاوُدُ، وَوَرِثَهُ سُلَيْمَانُ فِي الْمُلْكِ، وَجَمَعَ أَسْبَاطَ بَنِى إِسْرَائِيلَ الْمُخْتَلِفِينَ وَأَخَذَ يُقْنِعُهُمْ بِنَبْذِ الشِّقَاقِ وَالْحُرُوبِ، وَأَنْ يَعِيشُواْ مَعًا فِي حُبٍّ وَسَلاَمٍ.
كَانَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْحُبِّ وَالأُخُوَّةِ وَالتَّسَامُحِ، فَأَنْشَأَ صِلاَتٍ وُدِّيَّةً مَعَ الْبُلْدَانِ الْمُجَاوِرَةِ، كَمَا تَزَوَّجَ اِبْنَةَ فِرْعَوْنَ مِصْرَ لِيُوَطِّدَ الصَّدَاقَةَ وَالسَّلاَمَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ.
أَنْعَمَ اللهُ عَلَى سُلَيْمَانَ، وَوَهَبَهُ مُلْكًا لَمْ يَهَبْهُ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَعَلَّمَهُ لُغَةَ الْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا عَلَى الْجِنِّ وَكَانَ جَيْشُ سُلَيْمَانَ أَغْرَبَ الْجُيُوشِ وَأَقْوَاهَا، فَقَدْ كَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ وَالْجِنِّ.
وَفِي يَوْمٍ كَانَ سُلَيْمَانُ يَسِيرُ بِجَيْشِهِ الرَّهِيبِ فِي وَادٍ فِيهِ نَمْلٌ كَثِيرٌ، فَسَمِعَ سُلَيْمَانُ نَمْلَةً تَقُولُ لِزَمِيلاَتِهَا:"يَأَيُّهَا النَّمْلُ أَسْرِعُوا وَاِخْتَبِئُوا فِي أَحْجَارِكُمْ حَتَّى لاَ يُحَطِّمَكُمْ جُنُودُ سُلَيْمَانَ بِأَقْدَامِهِمْ، وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ!"
سَمِعَ سُلَيْمَانُ كَلاَمَ النَّمْلَةِ، وَعَرَفَ مَا تَقُولُهُ بِعِلْمٍ مِنَ اللهِ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا، وَتَذَكَّرَ اللهَ وَقُدْرَتَهُ، وَمَا وَهَبَهُ لَهُ مِنْ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ حَتَّى اِسْتَطَاعَ أَنْ يُدْرِكَ كَلاَمَ النَّمْلَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَشَكَرَهُ كَثِيرًا.
قَالَ سُلَيْمَانُ:﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ؛ وَعَلَى وَالِدَىَّ، وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ (سُورَةُ النَّمْلُ/۱۹)
أَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَمْتَحِنَ صَبْرَ سُلَيْمَانَ وَشِدَّةَ إِيمَانِهِ فَأَصَابَهُ بِمَرَضٍ شَدِيدٍ حَارَ فِيهِ أَطِبَّاءُ الإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَأَحْضَرَتْ لَهُ الطُّيُورُ الأَعْشَابَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَلَمْ يُشْفَ.
وَازْدَادَ مَرَضُ سُلَيْمَانَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، حَتَّى أَصْبَحَ إِذَا جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَأَنَّهُ جَسَدٌ بِلاَ رُوحٍ، وَرَغْمَ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ لَمْ يَتَوَقَّفُ سُلَيْمَانُ لَحْظَةً عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَالدُّعَاءِ بِطَلَبِ الشِّفَاءِ وَالاِسْتِغْفَارِ، حَتَّى اِسْتَجَابَ اللهُ لِدُعَائِهِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بالشِّفَاءِ. تَعَلَّمَ سُلَيْمَانُ مِنْ مِحْنَةِ الْمَرَضِ الَّذِى أَصَابَهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ رَغْمَ قُوَّتِهِ وَغِنَاهُ وَمُلْكِهِ وَأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجْلِبَ لَهُ الشِّفَاءَ إِلاَّ إِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى.
وَفِي يَوْمٍ خَرَجَ سُلَيْمَانُ يَتَفَقَّدُ جَيْشَهُ مِنْ الطَّيْرِ وَالْحَيَوَانِ، وَنَظَرَ سُلَيْمَانُ فَلَمْ يَجِدْ الْهُدْهُدَ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَأَجَابَتِ الْحَيَوَانَاتُ بِأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ أَيْنَ هُوَ.
غََضِبَ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانُ لِغِيَابِ الْهُدْهُدِ دُونَ إِذْنِهِ، وَقَرَّرَ مَعَاقَبَتَهُ حِينَ يَأْتِى بِنَتْفِ رِيشِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ ذَبْحِهِ حَسَبَ الذَّنْبَ الَّذِى اِرْتَكَبَهُ.
أَنْهَى سُلَيْمَانُ تَفَقُّدَهُ لِلْجَيْشِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى خَيْمَتِهِ، وَبَعْدَ قَلِيلٍ حَضَرَ الْهُدْهُدُ مُسْرِعًا، فَقَابَلَتْهُ الطُّيُورَ فِي ضَجَّةٍ: أَيْنَ كُنْتَ؟ لِمَاذَا تَأَخَّرْتَ؟
قَالَ الْهُدْهُدُ: مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟ مَاذَا حَدَثَ؟
قَالَتِْ الطُّيُورُ: نَهَارُكَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنْ رِيشِ الْغُرَابِ. لَقَدْ عَرَفَ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ غِيَابَكَ، وَهَدَّدَ بِذَبْحِكَ أَوْ تَعْذِيبِكَ.
أَصَابَ الْهُدْهُدَ الرُّعْبُ مِنْ كَلاَمِ الطُّيُورِ، وَأَسْرَعَ طَائِرًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ فِي خَيْمَتِهِ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ وَهُوَ يَرْتَجِفُ. كَانَ سُلَيْمَانُ يَتَنَاوَلُ طَعَامَهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَنَظَرَ إِلَى الْهُدْهُدِ مُسْتَفْسِرًا.
فَقَالَ الْهُدْهُدُ بِسُرْعَةٍ: لَقَدْ عَلِمْتُ شَيْئًا لاَ تَعْلَمُهُ، فَقَدْ أَتَيْتُكَ مِنْ مَمْلَكَةِ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ.
أَكْمَلَ الْهُدْهُدُ حَدِيثَهُ قَائِلاً: لَقَدْ وَجَدْتُ اِمْرَأَةً تَحْكُمُ مَمْلَكَةَ سَبَأٍ، وَلَدَيْهَا جَيْشٌ قَوِيٌّ وَخَيْرَاتٌ وَفِيرَةٌ وَعَرْشُهَا مُحَلًّى بِالْجَوَاهِرِ وَاللآلِئِ.
وَبِالرَّغْمِ مِنْ نِعَمِ اللهِ الَّتِى أَنْعَمَ بِهَا عَلَى هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ، فَِإنَّ أَهْلَهَا يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ، وَيَسْجُدُونَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ.
﴿أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِى يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ (سُورَةُ النَّمْلُ/٢٦،٢٥)
اِسْتَمَعَ سُلَيْمَانُ إِلَى قِصَّةِ الْهُدْهُدِ فِي هُدُوءٍ، ثُمَّ اِبْتَسَمَ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ:"سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ".
ثُمَّ كَتَبَ رِسَالَةً أَعْطَاهَا لِلْهُدْهُدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِيُلْقِيَهَا لِمَلِكَةِ سَبَأٍ، ثُمَّ يَخْتَبِئَ لِيَنْظُرَ مَاذَا سَتَفْعَلُ، ثُمَّ يَعُودَ لِيُخْبِرَهُ بِمَا حَدَثَ.
اِلْتَقَطَ الْهُدْهُدُ الرِّسَالَةَ بِمِنْقَارِهِ وَهُوَ لاَ يُصَدِّقُ أَنَّهُ نَجَا مِنَ الْعِقَابِ، بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَنَا سُلَيْمَانَ كَلَّفَهُ بِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ الْخَطِيرَةِ.
اِنْطَلَقَ الْهُدْهُدُ طَائِرًا وَهُوَ يَحْمِلُ فِي مِنْقَارِهِ رِسَالَةَ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ إِلَى بَلْقِيسَ مَلِكَةِ سَبَأٍ.
وَصَلَ الْهُدْهُدُ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكَةِ وَوَجَدَهَا جَالِسَةً عَلَى عَرْشِهَا، فَأَلْقَى الرِّسَالَةَ أَمَامَهَا، ثُمَّ طَارَ، وَاِخْتَبَأَ فِي رُكْنٍ مِنَ السَّقْفِ.
تَنَاوَلَتْ بَلْقِيسُ الرِّسَالَةَ وَفَتَحَتْهَا وَقَرَأَتْ مَا فِيهَا، وَبِسُرْعَةٍ أَصْدَرَتْ أَوَامِرَهَا بِعَقْدِ اِجْتِمَاعٍ فَوْرِيٍّ لِلْوُزَرَاءِ وَالْقَادَةِ. حَضَرَ الْوَزَرَاءُ وَالْقَادَةُ وَالْمُسْتَشَارُونَ عَلَى الْفَوْرِ، وَاِنْعَقَدَ الإِجْتِمَاعُ الْهَامُّ، وَقَالَتْ بَلْقِيسُ: لَقَدْ جَاءَتْنِى رِسَالَةٌ مِنْ سُلَيْمَانَ، هَذَا نَصُّهَا:
﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانُ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلاَّ تَعْلُوا عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ﴾ (سُورَةُ النَّمْلُ/٣٠،٣١).
ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى الْمُجْتَمِعِينَ وَقَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ أَشِيرُوا عَلَىَّ بِمَا يَجِبُ أَنْ أَفْعَلَ فِي هَذَا الأَمْرِ، فَإِنِّى تَعَوَّدْتُ أَلاَّ أَتَّخِذَ قَرَارًا هَامًّا إِلاَّ بَعْدَ مَشُورَتِكُمْ.
قَالَ الْمُجْتَمِعُونَ: أَيَّتُهَا الْمَلِكَةُ إِنَّ جَيْشَنَا كَثِيرُ الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ ذُو قُوَّةٍ وَبِأْسٍ شَدِيدٍ، وَنَحْنُ عَلَى اِسْتِعْدَادٍ لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ، وَالأَمْرُ فِي النِّهَايَةِ لَكِ، فَانْظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ؟
قَالَتْ بَلْقِيسُ: إِنَّنَا نَعْرِفُ مَدَى قُوَّةِ جَيْشِنَا... وَلَكِنْ لاَ نَعْرِفُ مَدَى قُوَّةِ جَيْشِ سُلَيْمَانَ، وَلِذَلِكَ فَإِنِّى أَرَى أَنْ نُرْسِلَ إِلَيْهِ بِهَدِيَةٍ، وَعَلَى مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ مدى قُوَّةِ جَيْشِهِ، وَيُحَدِّثَنَا عَنْهَا عِنْدَمَا يَعُودُ.
كُلُّ ذَلِكَ وَالْهُدْهُدُ مُخْتَبِئٌ فِي مَكَانِهِ يَسْمَعُ، وَيَرَى كُلَّ شَيْءٍ.
طَارَ الْهُدْهُدُ إِلَى سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى وَسَمِعَ.
وَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَصَلَ مَبْعُوثُ الْمَلِكَةِ بَلْقِيسَ إِلَى فِلِسْطِينَ حَامِلاً الْهَدَايَا إِلَى سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ.
رَأَى الْوَفْدُ الَّذِى أَرْسَلَتْهُ بَلْقِيسُ، وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى قَصْرِ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ، مَدَى الثَّرَاءِ وَالْخَيْرَاتِ وَالْقُوَّةِ الَّتِى أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى سُلَيْمَانَ، فَأَصَبَتْهُمْ الدَّهْشَةُ...
قَدَّمَ مَبْعُوثُ الْمَلِكَةِ بَلْقِيسَ الْهَدِيَّةَ إِلَى سُلَيْمَانَ، وَهِىَ طَبَقٌ كَبِيرٌ مِنَ الذَّهَبِ مُرَصَّعٌ بَالْجَوَاهِرِ وَاللآلِئِ، فَنَظَرَ سُلَيْمَانُ إِلَيْهَا بِاِحْتِقَارٍ شَدِيدٍ، فَقَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ هَدِيَّةً مِنَ الذَّهَبِ بَدَلاً مِنْ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُسْلِمِينَ.
ظَنَّ أَهْلُ سَبَأٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ سَيَرْضَى بِالْهَدِيَّةِ الثَّمِينَةِ، وَيَتَغَاضَى عَنْ إِسْلاَمِهِمْ.
وَلَكِنَّ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ قَالَ لَهُمْ: أَتُهْدُونَنِى بِالْمَالِ، وَقَدْ أَعْطَانِىَ اللهُ مَالاً أَكْثَرَ مِنْكُمْ؟
ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَعُودُوا بِهَدِيَّتِهِمْ مِنْ حَيْثُ جَاءُوا، وَ أَنْ يُخْبِرُوا مَلِكَتَهُمْ بِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ خَيْرٍ وَقُوَّةٍ.
وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُخْبِرُوهَا أَنَّهُ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ إِسْلاَمَهَا وَقَوْمِهَا، وَأَنْ يَعْبُدُوا اللهَ الْوَاحِدَ الأَحَدَ، وَيَتْرُكُوا عِبَادَةَ الشَّمْسِ، وَإِلاَّ أَتَاهُمْ بِجُنُودٍ لاَ طَاقَةَ لَهُمْ بِهَا، لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ سَبَأٍ أَسْرَى أَذِلَّاءَ. عَادَ الرُّسُلُ إِلَى سَبَأٍ، وَدَخَلُوا عَلَى بَلْقِيسَ، وَحَدَّثُوهَا عَنْ قُوَّةِ سُلَيْمَانَ وَغِنَاهُ، وَكَيْفَ رَفَضَ هَدِيَّتَهَا، وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْغَزْوِ إِنْ لَمْ يَتْرُكُوا عِبَادَةَ الشَّمْسِ، وَيَعْبُدُوا اللهَ الْوَاحِدَ الأَحَدَ.
أَدْرَكَتْ بَلْقِيسُ أَنَّ سُلَيْمَانَ صَادِقٌ فِي تَهْدِيدِهِ، وَأَنَّهُ نَبِىُّ اللهِ، وَأَنَّهَا لَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ، فَقَرَّرَتْ أَنْ تَذْهَبَ بِنَفْسِهَا إِلَيْهِ.
عَلِمَ سُلَيْمَانُ أَنَّ بَلْقِيسَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ سَبَأٍ فِي طَرِيقِهَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يُرِيَهَا مُعْجِزَةً تَكُونُ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّتِهِ. اِلْتَفَتَ سُلَيْمَانُ لِمَنْ حَوْلِهِ مِنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ، وَقَالَ لَهُمْ: "يَأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأَْتِيَنِى بِعَرْشِ بَلْقِيسَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِىَ إِلَىَّ هِىَ وَقَوْمُهَا لِيُعْلِنُوا إِسْلاَمَهُمْ؟
قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ سَخَّرَهُمُ اللهُ لِخِدْمَةِ سُلَيْمَانَ:
"أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ!"
فَقَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ:" أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ".
فَأَغْلَقَ سُلَيْمَانُ عَيْنَيْهُ وَفَتَحَهُمَا بِسُرْعَةٍ، فَوَجَدَ عَرْشَ بَلْقِيسَ أَمَامَهُ.
أَحَسَّ سُلَيْمَانُ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ، فَعِنْدَمَا طَلَبَ أَنْ يُحْضَرَ عَرْشُ بَلْقِيسَ وَجَدَهُ أَمَامَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ لَحْظَةٍ. رَفَعَ سُلَيْمَانُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ:
﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ، وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ (سُورَةُ النَّمْلُ/٤٠).
أَرَادَ سُلَيْمَانُ أَنْ يَمْتَحِنَ بَلْقِيسَ، فَأَمَرَ بِإِجْرَاءِ بَعْضِ التَعْدِيلاَتِ عَلَى الْعَرْشِ، حَتَّى يَعْرِفَ إِنْ كَانَتْ سَتَهْتَدِى إِلَيْهِ أَمْ لاَ.
فَلَمَّا جَاءَتْ بَلْقِيسُ عَرَضَ عَلَيْهَا الْعَرْشَ، فَتَأَمَّلَتَهُ فِي دَهْشَةٍ.
إِنَّهُ يُشْبِهُ عَرْشَهَا تَمَامًا، فَكَيْفَ اِسْتَطَاعَ سُلَيْمَانُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَهَا؟
تَأَكَّدَتْ بَلْقِيسُ مِنْ أَنَّ الْعَرْشَ عَرْشُهَا، وأَنَّ سُلَيْمَانَ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَحْضُرَ هِىَ بِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تِلْكَ التَّعْدِيلاَتَ الَّتِى حَدَثَتْ بِهِ...
كَانَتْ بَلْقِيسُ وَقَوْمُهَا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ سَبَقُوا أَهْلَ الأَرْضِ جَمِيعًا فِي التَّقَدُّمِ والصِّنَاعَةِ وَالْعِلْمِ، فَأَخَذَ سُلَيْمَانُ يُرِيهَا رَوْعَةَ الصِّنَاعَاتِ وَالْهَنْدَسَةِ الَّتِى خَصَّهُ اللهُ بِهَا دُونَهَا..
وَكَانَ سُلَيْمَانُ قَدْ أَمَرَ الصُّنَّاعَ الْمَهَرَةَ بِبِنَاءِ قَصْرٍ عَظِيمٍ صُنِعَتْ أَرْضُهُ مِنْ زُجَاجٍ شَدِيدِ الصَّلاَبِةِ عَظِيمِ الشَّفَافِيَةِ.
وَكَانَتْ أَرْضِيَّةُ الْقَصْرِ قَدْ بُنِيَتْ فَوْقَ مِيَاهِ الْبَحْرِ بِحَيْثُ يَرَى السَّائِرُ فَوْقَهَا الأَسْمَاكَ الْمُلَوَّنَةَ تَسْبَحُ تَحْتَهُ.
وَمِنْ فَرْطِ شَفَّافِيّةِ الزُّجَاجِ قَدْ يَنْخَدِعُ الاِنْسَانُ وَيَحْسَبُ أَنَّهُ يَسِيرُ فَوْقَ الْبَحْرِ.
دَعَا سُلَيْمَانُ بَلْقِيسَ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ، فَلَمَّا تَأَهَّبَتْ لِلدُّخُولِ رَأَتِ الْبَحْرَ، وَلَمْ تَرَ الزُّجَاجَ، وَظَنَّتْ أَنَّهَا سَتَخُوضُ فِي الْبَحْرِ.
رَفَعَتْ بَلْقِيسُ رِدَاءَهَا حَتَّى لاَ يَبْتَلَّ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّ الأَرْضَ صُنِعَتْ مِنْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ.
أَدْرَكَتْ بَلْقِيسُ أَنَّ تِلْكَ الآيَاتِ الْمُعْجِزَاتِ لاَ يَأْتِيهَا الاِنْسَانُ بِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا هِىَ هِبَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى.
نَظَرَتْ بَلْقِيسُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: ﴿رَبِّ إِنَّى ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
وَفِي يَوْمٍ دَخَلَ سُلَيْمَانُ الْمِحْرَابَ، وَجَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ مُسْتَنِدٌ عَلَى عَصَاهُ. وَقَضَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْوَضْعِ، وَجَاءَتْ نَمْلَةٌ وَأَخَذَتْ تَأْكُلُ الْعَصَا.
لَمْ يَكُنْ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ مَاتَ، ظَنُّوهُ جَالِسًا يَتَعَبَّدُ، فَاسْتَمَرُّوا فِي عَمَلِهِمْ.
وَ لَمَّا أَكَلَتِ النَّمْلَةُ جُزْءًا كَبِيرًا مِنَ الْعَصَا اِخْتَلَّ التَّوَازُنُ، وَوَقَعَ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ عَلَى الأَرْضِ. هُنَا فَقَطْ عَلِمَ الْجِنُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ مَاتَ، إِنَّ الْجِنَّ لاَ يَعْلَمُونَ الغَيْبَ...
وَهَكَذَا مَاتَ نَبِىُّ اللهِ سُلَيْمَانُ، وَهُوَ جَالِسٌ يُصَلِّى، وَيَذْكُرُ اللهَ فِي مِحْرَابِهِ.
______________________________
يَا أَبَتِ1 о, отец! о, папочка!
пока поле не станет таким, каким былоحَتَّى إِذَا عَادَ الْحَقْلُ كَمَا كَانَ2